ياشار كمال: الأديب الكوردي الذي تحدى الأنظمة
ولد ياشار كمال عام 1923 لأبوين كورديين لأسرة تنتمي بالأصل إلى ضفاف بحيرة (وان)، ولكنها كانت قد رحلت من منطقة سكناها الأصلية لتسكن منطقة اسمها (جقورفا) جنوب الأناضول.اشتهر ياشار كمال بروايته (إنجه محمد - محمد النحيل) التي كتبها عام 1955 والتي أبرزته كأحد أهمّ كتّاب الرواية في الأناضول، وقد حطّم الكتاب الأرقام القياسية لمبيعات الكتب حينها وترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة.
مقال "حقول الموت"
في عام 1995 كتب الروائي الكبير مقالاً سياسياً مهماً بعنوان (حقول الموت) في مجلة المرأة الألمانية الواسعة الانتشار، وقد شغل هذا المقال الأوساط الثقافية والإعلامية التركية والألمانية والكوردية."حيث انحاز فيه إلى هموم شعبه الكوردي في تركيا وما يتعرض له من اضطهاد وتنكيل ومصادرة لحقوقه ومحو لثقافته وطمس للغته منذ سبعين سنة، وتعرضه للفظائع التي ارتكبتها السلطات والجيش التركي بحق الكورد، فقد تم حرق أكثر من ألفي قرية، وتهجير ثلاثة ملايين شخص، ووقوع عدد كبير من جرائم قتل 'مجهول الفاعل' ضد خيرة الكتاب والأدباء والمحامين والصحفيين الكورد، وترك الناس جياعاً ومشردين، ومحو غابات عن بكرة أبيها، ودخول مئات الناس في عداد المفقودين".
ردود الأفعال
اتهم بعد ذلك من قبل السلطات الأمنية التركية بمسّ الأمن القومي التركي، إلا أنّ الآلاف من الكتاب الأتراك والأوروبيين والكورد تضامنوا معه وساندوه، فلم تستطع السلطات التركية أن تذهب معه بعيداً في إجراءاتها القمعية.التكريم الأكاديمي
تواجد الكاتب الكوردي التركي ياشار كمال في جامعة "بوغازيجي"، للمشاركة في احتفال تسلمه شهادة الدكتوراه الفخرية."تعتبر روايات ياشار كمال أولى نوافذ انفتاح اللغة التركية على العالم، وهو أحد الأسماء الأدبية اللامعة عالمياً، هو عالم بمعالم وملاحم الأناضول، إنه يكتب النثر لكنه في الحقيقة شاعر، كون نصوصه مكتوبة بلغة نثرية شعرية، فهو يتحدث عن الطبيعة والإنسان الذي يعيش داخل هذه الطبيعة، إنه شاعر الأمل والنور، لأنه يؤمن بالإنسان، ويكتب للإنسان ويرفع من قيمته".
- البروفيسور أوزجالديران
رسالته الإنسانية
ولكنّ ياشار كمال عندما اعتلى منصة الحديث تكلم في اتجاه آخر، وهو الاتجاه الذي سلكه في كل تاريخه الأدبي الإبداعي، فقد تحدث عن أهدافه في الكتابة قائلاً:على الذي يهتم بقراءة كتبي، أن لا يتحول إلى قاتل، بل عليه أن يصبح عدواً للحروب، عليه أن يناضل ضد اضطهاد الإنسان للإنسان. لا يحقّ لأحد أن يحتقر الآخر ولا أن يطبق على الآخر سياسة التطهير العرقي، يتوجب قطع دابر الأنظمة والحكومات التي تفرض نظام التطهير العرقي على شعوبها، على الذين يهتمون بقراءة كتبي، أن يعلموا أنّ الأنظمة التي تعمل من أجل إزالة الثقافات الأخرى من الوجود، قد فقدوا ثقافتهم وإنسانيتهم. هذه القضايا تعني بلادنا أيضاً، حيث تم فرض الحظر على اللغات الأخرى على مدى (80) عاماً، لكن الحكومات المتعاقبة لم تعلم أنها بفعلها هذا تفقد ثقافتها أيضاً
وهو القائل في إشارة واضحة إلى أن سياسات القهر والإلغاء والإنكار التركية لم تستطع محو شعبه الكوردي ما معناه: «أنّ البحيرات جفّت ولكنّ الأسماك لم تزل حية ولم تمت».