خانقين: لوحة ساحرة حيث يلتقي التاريخ والطبيعة في ديالى
في قلب محافظة ديالى العراقية، وتحديداً على مقربة من الحدود مع إيران، تقبع مدينة خانقين (بالكردية: خانهقین، Xaneqîn)، واحدة من المدن التي تمتزج فيها عبقة التاريخ مع جمال الطبيعة وثراء الثقافة. ليست مجرد نقطة على الخارطة، بل هي نسيج غني من التنوع والإرث العميق.
نظرة سريعة على خانقين
· الموقع: محافظة ديالى، العراق (قرب الحدود الإيرانية).
· عدد السكان: تقديرات حديثة تصل إلى حوالي 160,379 نسمة (تقدير 2017).
· التركيبة السكانية: أغلبية كردية كبيرة (يتحدث معظمهم باللهجة الكلهورية)، مع وجود عربي وتركماني، مما يشكل مجتمعاً متعدد الثقافات.
· الأهمية الاقتصادية: تعتبر ثاني أكبر منطقة نفطية في شمال العراق بعد كركوك.
الموقع والجغرافيا: شريان الحياة نهر الوند
أبرز ما يميز خانقين جغرافياً هو نهر الوند الرائع، الذي لا يقسم المدينة إلى شطرين فحسب، بل هو شريان الحياة فيها منذ القدم. سمي النهر تيمناً بالقائد التركماني "الوند ميرزا أوغلو" من أحفاد سلاطين الدولة الآق قونيلوية، والذي قُتل على ضفافه. يلعب هذا النهر دوراً محورياً في دعم القطاع الزراعي وخصوبة أراضي المنطقة، وهو رمز من رموز المدينة الخالدة وعنوان لجمالها.
يربط ضفاف النهر جسر حجري تاريخي شُيد على أنقاض جسر قديم ورد ذكره في كتب المؤرخين مثل ياقوت الحموي في "معجم البلدان"، ليكون شاهداً على عراقة هذه البقعة.
غوص في أعماق التاريخ
تعود أصول خانقين إلى عصور قديمة جداً، حيث كشفت بعثة من جامعة شيكاغو الأمريكية خلال مسوحاتها في سبعينيات القرن الماضي عن وجود أدلة تعود إلى العصور الميدية والآشورية. عثرت البعثة على معابد وكتابات قديمة، ووصفت المدينة القديمة بأنها كانت تضم شوارع ومنشآت عمرانية متطورة ونظماً اجتماعية متكاملة.
وذكرت المدينة أيضاً في فترة ما قبل الإسلام كمنطقة ذات أهمية تجارية وعسكرية تابعة للدولة الساسانية، وتربطها روايات تاريخية غير مؤكدة بقصة إعدام النعمان بن المنذر، ملك الحيرة وحليف الساسانيين، فيها.
التنوع: نسيج اجتماعي فريد
تعتبر خانقين نموذجاً رائعاً للتعايش في العراق، حيث يسكنها خليط من الكرد والعرب والتركمان. وعبر السنين، تآخى أهاليها وشكلوا نسيجاً اجتماعياً متماسكاً. وتتجلى هذه الصورة في إتقان سكانها للغات الثلاث: الكردية (بلهجة كلهورية-گورانية)، العربية، والتركمانية، فيما يعرف محلياً بـ "لغة الثلاث موجات".
من أبرز العشائر الكردية في المنطقة: الزهاوي، الجاف، الباجلان، الطالبانية، الداوودي، كلهر، والكثير غيرها.
التقسيم الإداري
يتألف قضاء خانقين من خمس نواحٍ تعكس طبيعة التركيبة السكانية:
1. ناحية مركز خانقين: غالبية كردية مع أقلية عربية وتركمانية.
2. ناحية جلولاء: خليط من الكرد والعرب.
3. ناحية السعدية: أغلبية كردية مع وجود تركماني وأقلية عربية.
4. ناحية ميدان: جميع سكانها من الكرد.
5. ناحية قورة تو: جميع سكانها من الكرد.
ذكرى مؤلمة
كغيرها من المدن الغنية بتنوعها، لم تسلم خانقين من سياسات النظام البعثي السابق في سبعينيات القرن الماضي، حيث تعرضت لحملة تعريب وتغيير ديموغرافي واسعة، راح ضحيتها الآلاف وشردت عائلات كثيرة، في محاولة لطمس هويتها المتنوعة.
خاتمة
خانقين هي أكثر من مجرد مدينة حدودية؛ هي عبارة عن متحف مفتوح للتاريخ، ولوحة طبيعية بريشة نهر الوند، ومثال حي على التعايش والتعددية الثقافية. إنها جوهرة خفية في محافظة ديالى تستحق الاكتشاف والاهتمام، وتستحق منا جميعاً أن نحافظ على إرثها الغني ونروي قصتها للعالم.
---
الهاشتاقات المناسبة:
#خانقين
#العراق
#ديالى
#نهر_الوند
#التعايش
#التنوع_الثقافي
#الكرد
#تركمان_العراق
#تاريخ_العراق
#سياحة_العراق
#مدن_العراق
#Xaneqîn
#كردستان
#الگوهرة_الخافية
#آثار_العراق