عبدالرحمن قاسم لو
عبد الرحمن قاسم لو هو أحد أبرز القادة الكرد الذين لعبوا دوراً محورياً في النضال من أجل حقوق الأكراد وتحقيق الحريات السياسية في كردستان. وُلد في فترة مليئة بالتحديات السياسية والاجتماعية، وكان له رؤية واضحة حول أهمية الوحدة الكردية والديمقراطية في تحقيق الاستقلال والتقدم لشعبه.
تميز قاسم لو بقدرته على الجمع بين الفكر الوطني والسياسي مع روح الحوار والتعايش، حيث دعم فكرة إقامة حوار بناء بين مختلف الأطراف الكردية والحكومات المحيطة. كان يرفض الحلول العنيفة وأمن على ضرورة التفاوض السلمي لتحقيق تطلعات الأكراد، مما جعله شخصية محورية في المساعي السياسية الكردية.
شهدت فترة نشاطه محاولة لترسيخ أسس الديمقراطية والحقوق المدنية وزيادة الوعي السياسي بين الناس في كردستان. كما اهتم بتوثيق الهوية الكردية والحفاظ على تراثها الثقافي، مما دعا إلى تعزيز الدور الثقافي والإنساني جنباً إلى جنب مع الطموحات السياسية.
باختصار، يمكن القول إن عبد الرحمن قاسم لو يمثل نموذجاً للقائد الكردي الملتزم بالقضايا الوطنية والقيم الإنسانية، الذي آمن بأن الحوار والسلام هما السبيل الأمثل لتحقيق مستقبل أفضل لشعبه.
عبد الرحمن قاسملو: القائد الكردي الذي حوّل النضال إلى تراث خالد
مقدمة: رمزية قاسملو في التاريخ الكردي
عبد الرحمن قاسملو ليس مجرد اسم عابر في التاريخ السياسي الكردي، بل هو رمز نضالي استثنائي وقائد فكري ترك بصمات واضحة على مسيرة الحركة التحررية الكردية في إيران خاصة، وفي كردستان عامة. قاسملو كان يجسد التمازج الفريد بين الفكر الأكاديمي المتعمق والممارسة السياسية الواقعية، مما جعله أحد أبرز القادة الكرد في النصف الثاني من القرن العشرين. في هذا الموضوع، سنتعرف على محطات حياته، نضاله، واستشهاده الذي أصبح جزءاً من ذاكرة شعب يبحث عن مكانته تحت الشمس.
المولد والنشأة: التكوين المبكر لشخصية ثورية
وُلد عبد الرحمن قاسملو في 22 ديسمبر/كانون الأول 1930 في وادي قاسملو المجاور لمدينة أورمية (رضائية سابقاً) في كردستان إيران (شرق كردستان). نشأ في عائلة ميسورة الحال، حيث كان أبوه ملاكاً ذا نفوذ اجتماعي. هذه الخلفية الميسورة لم تبعده عن هموم شعبه، بل على العكس، شكلت وعيه المبكر بالتفاوت الاجتماعي والظلم الذي يعانيه الكرد في إيران.
منذ صغره، تأثر قاسملو بـثورة القاضي محمد وإعلانه جمهورية مهاباد الكردية في يناير/كانون الثاني 1946. though تلك الجمهورية الفتية لم تعش أكثر من عام واحد، إلا أنها تركت أثراً عميقاً في وجدانه، خاصة بعد أن تآمرت القوى الدولية (الاتحاد السوفييتي وبريطانيا والولايات المتحدة) مع نظام الشاه لإسقاطها شنق قائدها القاضي محمد. هذه الحادثة المبكرة شكلت الوعي السياسي المبكر لقاسملو، الذي بكى طفلاً على إعدام زعيم كردستان.
المسار الأكاديمي: من كردستان إلى أوروبا
البدايات التعليمية
أتم قاسملو دراسته الأساسية في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى طهران والعراق وإسطنبول لمواصلة تعليمه. ومن هناك، انتقل إلى أوروبا لإكمال تعليمه العالي بمساعدة المناضل والأديب الكردي موسى عنتر.
التخصص الأكاديمي
حصل قاسملو على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة براغ في تشيكوسلوفاكيا عام 1962. خلال وجوده في أوروبا، عمل أستاذاً محاضراً في جامعة براغ حيث درس مادة "رأس المال والاقتصاد الاشتراكي"، كما درس اللغة والثقافة الكردية في جامعة السوربون المرموقة في باريس حتى عام 1961.
إتقان اللغات
أتقن قاسملو سبع لغات بطلاقة، مما سمح له بالتواصل مباشرة مع مختلف الثقافات والدفاع عن القضية الكردية في المحافل الدولية بلغات متعددة.
المسار النضالي: من النظرية إلى الميدان
البدايات السياسية
بدأ قاسملو نشاطه السياسي المنظم منذ عام 1945، حيث لعب دوراً محورياً في تأسيس اتحاد الشباب الديمقراطيين في كردستان، الذي كان أحد المؤسسات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني-إيران. شارك في العديد من التظاهرات التي دعا إليها حزب الجبهة الوطنية، وكان من أشد المؤيدين لأفكار وتوجهات محمد مصدق.
الصعود القيادي
مع مطلع عام 1950، عقد الحزب الديمقراطي الكردستاني-إيران مؤتمره الثاني الذي تمخض عن ولادة اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية، وأصبح قاسملو رئيساً للجنة المركزية. في عام 1973، انتُخب قاسملو أميناً عاماً للحزب الديمقراطي الكردستاني-إيران، ليبقى في هذا الموقع حتى استشهاده.
النضال المسلح
عاد قاسملو إلى كردستان في أواخر عام 1978 وقاد حملة عسكرية ضد جيش الشاه برفقة عشرين ألف مقاتل من البيشمركة. خلال الاضطرابات التي عمت إيران بعد الثورة، سيطرت قوات البيشمركة على ثماني مدن وعشرين بلدة في كردستان إيران، مما وضع حجر الأساس لشبه دولة فيدرالية كردية.
جدول يوضح أبرز المحطات في مسيرة قاسملو النضالية:
العام المحطة النضالية الأهمية
1945 تأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي بداية النشاط السياسي المنظم
1950 رئاسة اللجنة المركزية للحزب الصعود إلى القيادة الحزبية
1971 المؤتمر الرابع للحزب إعادة تنظيم الحزب بعد السجن
1978 قيادة الحملة العسكرية ضد الشاه السيطرة على مساحات واسعة في كردستان
1989 المفاوضات مع الوفد الإيراني المحاولة الأخيرة لحل سلمي قبل الاستشهاد
الرؤية السياسية
تبنى قاسملو شعاراً سياسياً واضحاً هو: "الديمقراطية لإيران والحكم الذاتي لكردستان". رفض أن يكون أداة في يد الغرب أو سيفاً بيد الشرق، مؤمناً بأن الاستقلال السياسي والتمسك بالإرادة الذاتية هما الطريق إلى تحرر حقيقي للشعب الكردي.
الاستشهاد: جريمة سياسية بعالمية الصدى
مسرح الجريمة
في 13 يوليو/تموز 1989، اغتيل الدكتور عبد الرحمن قاسملو مع اثنين من رفاقه (عبد الله قادري آزر وفؤاد سلطاني) في فيينا عاصمة النمسا، على أيدي عناصر من المخابرات الإيرانية.
خلفية الاغتيال
كان قاسملو في فيينا لإجراء مفاوضات سلام مع وفد إيراني رفيع المستضم، بهدف إيجاد حل سلمي للقضية الكردية في إيران. المفاوضات كانت برعاية وساطة دولية شارك فيها كل من جلال طالباني (زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني لاحقاً) وأحمد بن بلا (الرئيس الجزائري الأسبق).
تفاصيل العملية
الوفد الإيراني تألف من محمد جعفري السحرارودي ومصطفى أجودي، الذين استدرجوا قاسملو ورفاقه إلى اجتماع مفاوضات، ليطلقوا عليهم النار في مشهد غدر سياسي نادر في التاريخ السياسي المعاصر. الأسلحة المستخدمة في الجريمة كانت قد أحضرت خصيصاً من إيران.
التبعات الدولية
رغم أن الشرطة النمساوية اعتقلت دبلوماسيين إيرانيين بعد الحادث، إلا أنه تم إطلاق سراحهم لاحقاً due to ضغوط سياسية من الحكومة الإيرانية التي هددت بإفشاء معلومات حول بيع الأسلحة للنمسا لإيران والعراق خلال الحرب. في عام 1997، كشف إيريش ماكسيميليان شميدت، رئيس القسم السياسي في وزارة الخارجية النمساوية، أن السفارة الإيرانية هددت بخلق مشاكل للمواطنين النمساويين في إيران إذا استمر التحقيق.
الإرث الفكري والسياسي
المؤلفات والأعمال
ترك قاسملو إرثاً فكرياً مهماً، بما في ذلك كتابيه الشهيرين: "كوردستان والأكراد" (1980) و"كوردستان إيران" (1999). هذه المؤلفات تمثل مراجع مهمة لفهم الواقع الكردي في إيران وتطور الحركة التحررية الكردية.
الرؤية الاستشرافية
أدرك قاسملو مبكراً أن "القضية الكردية في إيران لا يمكن حلها عسكرياً"، لذلك كان دائماً منفتحاً على الحلول السلمية والحوار مع الحكومة الإيرانية، حتى لو كان الثمن هو حياته.
التأثير المستمر
رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على استشهاده، لا يزال قاسملو حاضراً في الوجدان الكردي كأحد أبرز القادة الذين جمعوا بين الفكر الثوري والرؤية الواقعية. تضحيته أصبحت رمزاً للإصرار على追求 الحقوق الكردية عبر الوسائل السلمية والحوار المفتوح.
خاتمة: قاسملو超出 الزمن
عبد الرحمن قاسملو لم يكن مجرد زعيم سياسي عادي، بل كان نموذجاً فريداً للقائد المثقف الذي يؤمن بالكفاح المسلح عندما لا خيار آخر، لكنه يفضل دائماً طريق الحوار والسلام. استشهاده في فيينا لم يكن نهاية مسيرته، بل كان تحولاً إلى رمز خالد يذكر العالم بأن القضية الكردية لا يمكن تجاهلها، وأن الشعب الكردي لديه قادة مستعدون للتضحية بأغلى ما لديهم من أجل حقوق شعبهم.
"إن دماء الشهداء مثل بذور الأشجار.. لا تموت في الأرض، بل تنمو لتغدو غابات تظل الأجيال" - عبد الرحمن قاسملو
إن ذكرى الدكتور عبد الرحمن قاسملو ورفاقه تبقى حية في قلوب الكرد وكل من يناضل من أجل الحرية والعدالة. تضحياتهم تذكرنا دائماً بأهمية النضال من أجل الحقوق والمبادئ الإنسانية.
مراجع للاستزادة:
· كتاب "تراجم أعلام الكورد" للدكتور محمد علي الصويركي
· مجلة دراسات كردية، العدد 8 (باريس 1993)
· الأرشيف السياسي الكردي في أوروبا.
إرسال تعليق