القاضي محمد: رمز النضال الكردي والحلم بالاستقلال
في تاريخ الشعوب المضطهدة، تبرز أسماء لامعة تحمل على عاتقها أحلام أمة بأكملها، وتقف في وجه الظلم والاستبداد مهما كانت التضحيات. ومن بين هذه الأسماء الخالدة، يشع اسم القاضي محمد كنجم ساطع في سماء النضال الكردي، ليس فقط كقائد سياسي، بل كرمز للكرامة والعدالة والحلم المشروع بالحرية.
الولادة
ولد القاضي محمد في مدينة مهاباد عام 1893، في عائلة دينية محترمة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. نشأ في بيئة ثقافية غنية، حيث تلقى تعليماً دينياً وعلمانياً متميزاً. منذ صغره، أظهر ذكاءً حاداً وقدرة فائقة على الفهم والاستيعاب، مما جعله محط أنظار معلميه وأساتذته.
صفاته الشخصية
تميز القاضي محمد بشخصيته الكاريزمية وقدرته على التواصل مع مختلف شرائح المجتمع الكردي. كان يجيد عدة لغات، بما في ذلك الكردية والفارسية والعربية، مما مكنه من التواصل الفعال مع قادة المنطقة والدبلوماسيين الأجانب.
نضاله السياسي والقيادة
بدأ القاضي محمد نشاطه السياسي في أوائل القرن العشرين، عندما كانت المنطقة تشهد تغيرات جذرية في الخريطة السياسية. شارك في تأسيس حزب "كومهلهی ژیانهوهی کورد" (جمعية إحياء الأكراد) في عام 1942، والذي هدف إلى توحيد الأكراد وتنظيم نضالهم من أجل الحقوق القومية.
أظهر القاضي محمد حكمة سياسية نادرة في تعامله مع القوى الإقليمية والدولية. استطاع أن يستغل الظروف الجيوسياسية المعقدة في المنطقة خلال وبعد الحرب العالمية الثانية، ليحقق إنجازاً تاريخياً للشعب الكردي.
التاريخ | الحدث | الدور |
---|---|---|
1893 | الميلاد في مهاباد | النشأة |
1942 | تأسيس جمعية إحياء الأكراد | القائد السياسي |
1946 | إعلان جمهورية مهاباد | الرئيس التاريخي |
1947 | الاستشهاد | الرمز الخالد |
جمهورية ماه آباد: حلم يتحقق
في 22 يناير 1946، أعلن القاضي محمد قيام جمهورية مهاباد، أول دولة كردية في التاريخ الحديث. كان هذا الإعلان بمثابة زلزال سياسي هز أركان المنطقة، وأثبت للعالم أن الأكراد قادرون على إدارة شؤونهم بأنفسهم.
خلال الأشهر الإحدى عشر من عمر الجمهورية، أظهر القاضي محمد قدرات قيادية استثنائية. أسس نظاماً ديمقراطياً يقوم على العدالة والمساواة، وعمل على تطوير التعليم باللغة الكردية، وأنشأ مؤسسات ثقافية واجتماعية متقدمة. كما اهتم بحقوق المرأة والأقليات، مما جعل جمهورية مهاباد نموذجاً مضيئاً للحكم العادل.
التحديات
واجهت جمهورية مهاباد تحديات جسيمة منذ اليوم الأول. كانت القوى الإقليمية، وخاصة إيران، تعتبر قيام هذه الدولة تهديداً مباشراً لمصالحها. وعندما انسحبت القوات السوفيتية من المنطقة، وجد القاضي محمد نفسه وحيداً في مواجهة الجيش الإيراني المتفوق عدداً وعتاداً.
رغم المقاومة الباسلة، سقطت جمهورية مهاباد في ديسمبر 1946. اعتقل القاضي محمد مع مجموعة من رفاقه، وحوكموا في محاكمة صورية لم تراع أبسط معايير العدالة.
الاستشهاد
في 31 مارس 1947، نُفذ حكم الإعدام بحق القاضي محمد ورفيقيه، صيف قاضي وسردار كابيتان. واجه الموت بشجاعة نادرة، ورفض أن يطلب العفو أو أن يتراجع عن مبادئه. كانت كلماته الأخيرة تعبيراً عن إيمانه بعدالة القضية الكردية وثقته في أن شعبه سيواصل النضال من أجل الحرية.
الإرث والتأثير
رغم قصر فترة حكمه، ترك القاضي محمد إرثاً خالداً في التاريخ الكردي. أثبت للعالم أن الأكراد شعب قادر على بناء دولة حديثة وديمقراطية. كما ألهم أجيالاً من النضال الكردي في مختلف أنحاء كردستان.
اليوم، يُذكر القاضي محمد كرمز للشهامة والكرامة الكردية. قصته تذكرنا بأن النضال من أجل الحرية والعدالة يستحق أي تضحية، وأن الأحلام المشروعة للشعوب لا تموت بموت قادتها، بل تنتقل من جيل إلى جيل حتى تتحقق.
إن القاضي محمد ليس مجرد شخصية تاريخية، بل مثال حي على القيادة الحكيمة والنضال الشريف. في عالم اليوم، حيث تواجه الشعوب تحديات جديدة في سعيها للحرية والكرامة، تبقى قصة القاضي محمد مصدر إلهام ودرساً في الصمود والأمل.
وفاته
اعدم من قبل النظام الايراني بعد القاء القبض عليه في مدينة ماه آباد
وقال قولته الشهيرة قبل اعدامه
انا لا اخاف الشنق لاني عندما يعلقوني
علی المشنقة تكون قدماي اعلی من رؤوس المسؤولين.