كوردلاند | مفكرون كُرد، أدب، شخصيات بارزة، تاريخ وثقافة كردية جكرخوين: رحلة شاعر كردي خلد اسمه في تاريخ الأدب الكردي

جكرخوين: رحلة شاعر كردي خلد اسمه في تاريخ الأدب الكردي

وُلد الشاعر والكاتب الكردي الكبير جكرخوين (Cegerxwîn) سنة 1903م، في قرية (هيسار) القريبة من مدينة ماردين الكردستانية. حمل اسمًا حقيقيًا هو (شيخموس حسن
الشاعر علي

جكرخوين


شعراء الكرد | جكرخوين، صدى الحرية في الأدب الكردي

ولادة الشاعر في قلب كردستان

وُلد الشاعر والكاتب الكردي الكبير جكرخوين (Cegerxwîn) سنة 1903م، في قرية (هيسار) القريبة من مدينة ماردين الكردستانية. حمل اسمًا حقيقيًا هو (شيخموس حسن)، وكان منذ شبابه المبكر يعشق الأرض واللغة والتراث.
نشأ في بيئة غنية بالثقافة الكردية، ما جعل حلم الدفاع عن الهوية يترسخ في وجدانه.

جكرخوين


من الهجرة إلى التعلم

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، اضطرت عائلة جكرخوين للنزوح إلى بلدة عامودا قرب قامشلي. هناك، أكمل دراسته الدينية ليصبح رجل دين بلقب ملا عام 1921م.
لكن قلبه ما كان مرتاحًا لمجرد التعليم التقليدي، فشارك مع أهل البلدة في تأسيس أول جمعية كردية، ليخطو أولى خطواته نحو الحلم الكردي الكبير.

بداية الطريق الشعري والسياسي

في عام 1924م، وبعد إخفاق ثورة شيخ سعيد بيران في شمال كردستان، كتب جكرخوين أولى قصائده. كانت كلماته تنبض بالألم والأمل، تحكي عن الحلم الضائع والحرية المشتهاة.
انضم سريعًا إلى حزب خويبون (Xoybûn)، وهو حزب كردي وُلد من رحم المعاناة والنفي، ليكون صوته السياسي بقدر صوته الشعري.

لم تكن حياة جكرخوين سهلة. تنقل بين مدن كردستان بحثًا عن صوت لشعبه، فانتقل إلى مدينة قامشلي عام 1946م. هناك، تولى منصب الأمين العام لـ"جبهة حرية ووحدة الكرد"، مُجسدًا التقاء الشعر بالنضال السياسي.

مرحلة الانخراط في السياسة والأدب

لم يتوقف جكرخوين عند النضال فقط، بل جرب العمل الحزبي بانضمامه إلى الحزب الشيوعي السوري سنة 1948م. ترشح عام 1954م للبرلمان السوري ممثلاً للكرد.
لكنه لم يجد نفسه تمامًا في التيارات اليسارية فاستقال سنة 1957م، وأسس منظمة "ازادي"، التي أصبحت لاحقًا جزءًا من الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا.

طوال هذه المرحلة، كانت القصائد تتدفق كالنهر. كل كلمة كتبها كانت صرخة، كل بيت شعر كان طلقة في وجه الظلم.

مسيرته الأدبية والإعلامية

رغم القيود السياسية، لم يتوقف جكرخوين عن إبداعه. في عام 1961م، أسس فرعًا خاصًا باللغة الكردية في جامعة بغداد.
كما عمل في إذاعة بغداد، يقدم برامج ثقافية باللغة الكردية، حاملاً هموم شعبه عبر الأثير إلى كل بيت كردي.

سجون ومنفى ومقاومة لا تموت

دفع جكرخوين ثمن نضاله باعتقاله سنة 1963م، حيث سُجن في العاصمة دمشق ثم نُفي إلى السويداء.
ولم تمض سنوات كثيرة حتى لجأ إلى جنوب كردستان عام 1969م، ورافق الزعيم الكردي مصطفى بارزاني في معارك الدفاع عن الهوية والكرامة.

لاحقًا، رحل إلى لبنان سنة 1973م، حيث نشر قصيدته الخالدة "من أنا (Kîme Ez)"، إحدى أجمل صيحات الوجود الكردي في وجه العالم.

محطة السويد... والرحيل الأخير

في عام 1979م، اختار السويد وطنًا أخيرًا للمنفى، واستقر في العاصمة ستوكهولم.
لكنه، رغم البعد، بقي قلبه يخفق بحب قامشلي وكل حبة تراب في كردستان.
رحل عن عالمنا بتاريخ 22 أكتوبر 1984م، بعد أن سطر مجدًا شعريًا وإنسانيًا خالداً.

جثمانه نُقل إلى مسقط حبه الأزلي، مدينة قامشلي، حيث دفن بين أهله وأحبائه.


قصائد جكرخوين وأسلوبه الفني

كان شعر جكرخوين ثوريًا إلى أبعد الحدود، بسيطًا قريبًا من الناس، ومعبراً عن لسان حال الفلاح والعامل.
مزج بين الرومانسية الحالمة والواقعية القاسية، وهاجم في قصائده كل أشكال الإقطاع والرجعية.
ورغم الشكل الكلاسيكي لقصائده، إلا أن روحه كانت عصرية، متمردة، تزرع الأمل والثورة في كل بيت كردي.

استلهم كثيرًا من ملاي جزيري وأحمدي خاني، لكنه أوجد لنفسه خطًا فريدًا جعل اسمه من الأسماء الخالدة.

أهم مؤلفاته الأدبية

أنتج جكرخوين إرثًا ضخمًا جمع فيه الشعر، والتاريخ، واللغة، والفلكلور. من أبرز أعماله:

  • ديوان Prîsk û Pêtî - دمشق 1945م

  • ديوان Sewra Azadî - دمشق 1954م

  • ديوان Kîme Ez - بيروت 1973م

  • ديوان Ronak - ستوكهولم 1980م

  • ديوان Zend-Avista - ستوكهولم 1981م

  • ديوان Şefeq - ستوكهولم 1982م

  • ديوان Hêvî - ستوكهولم 1983م

  • ديوان Aştî - ستوكهولم 1985م

  • كتاب Destûra Zimanê kurdî (دستور اللغة الكردية) - بغداد 1961م

  • قاموس Ferheng (الجزء الأول والثاني) - بغداد 1962م

  • كتاب Tarîxa Kurdistan (تاريخ كردستان) - ستوكهولم 1985-1987م


الخاتمة | جكرخوين... الكلمة التي صارت وطنًا

ختامًا، يظل جكرخوين صدى خالدًا في ذاكرة كل كردي يؤمن بالحرية والكرامة.
قصائده لم تكن مجرد كلمات، بل كانت بنادق محشوة بالأمل، وأغاني حب للأرض والشعب.
من هيسار إلى ستوكهولم، ظل يحلم بكردستان حرة، تنبض بالشمس، والأمل، والمستقبل.

لذلك، لما نذكر أدب المقاومة الكردية، يظل اسم جكرخوين منقوشًا فوق قلوبنا بحروف من نور... وحب.


عن المؤلف

الشاعر علي
أنا علي، المعروف بلقب "الجنتل"، مدوّن محترف ومبرمج من مصر. أمتلك خبرة واسعة في كتابة المحتوى، وتحسين محركات البحث (SEO)، وتطوير البرمجيات، إلى جانب قدرتي على ابتكار حلول تقنية ذكية. أحرص دائمًا على تقديم محتوى رقمي فريد يجمع بين الإبداع و…

إرسال تعليق