شيركو بيكهس: رمز الشعر الكوردي الحديث
ولادة شاعر كردي عظيم
وُلد شيركو بيكهس في عام 1940 في مدينة السليمانية، وهو نجل الشاعر الكوردي الكبير فائق بيكهس، أحد أشهر شعراء كوردستان ومناضل وطني بارز في تاريخ النضال الكردي. ترعرع شيركو في بيتٍ يتنفس الأدب والثقافة، مما أسهم في تشكيل شخصيته الشعرية منذ نعومة أظافره.
بدايته في صفوف الحركة التحررية
في عام 1965، التحق شيركو بالحركة التحررية الكوردية، وعمل في إذاعة (صوت كوردستان)، التي كانت منبرًا للنضال القومي. وفي عام 1974، عاد مجددًا للثورة الكوردية، لكن بعد انتكاستها نُفي على يد النظام البعثي إلى محافظة الأنبار، حيث بقي هناك ثلاث سنوات في ناحية بغدادية، يعاني الاغتراب الداخلي.
سنوات الغربة والمنفى السياسي
نتيجة الضغط السياسي الشديد من نظام البعث، غادر شيركو وطنه عام 1986. وكان قد التحق بصفوف البيشمركة التابعين للاتحاد الوطني الكوردستاني أواخر عام 1984.
بين عامي 1987 و1992، عاش في السويد لاجئًا سياسيًا، وهناك واصل نشاطه الثقافي، محافظًا على صوته الشعري في مواجهة القمع والشتات.
عودة الأمل إلى كوردستان
عاد شيركو إلى كوردستان في عام 1991، وبعد عام واحد فقط، وتحديدًا في 19/8/1992، انتُخب نائبًا في أول برلمان كوردستاني. لاحقًا، تسلم منصب وزير الثقافة في أول حكومة إقليمية تم تشكيلها في كوردستان.
تُدرّس إحدى قصائده مع نبذة عن حياته ضمن مادة الأدب في كتب الأنطولوجيا في كل من الولايات المتحدة وكندا، منذ عام 1988، لطلبة المرحلة المتوسطة.
تأثيره الأدبي وانتشاره العالمي
لعب شيركو بيكهس دورًا رياديًا في تحديث الشعر الكوردي وإدخال عناصر فنية جديدة.
تُرجمت أعماله الشعرية إلى عدة لغات منها العربية، السويدية، الدنماركية، الهولندية، الإيطالية، الفرنسية والإنجليزية، ما يعكس عمق تأثيره العالمي.
أبرز الجوائز التي حصل عليها
في عام 1987، نال جائزة "توشولسكي" من نادي القلم الدولي في ستوكهولم، وفي نفس العام نال جائزة الحرية من مدينة فلورنسا.
ومن أبرز تكريماته:
-
جائزة بيرهميرد للشعر في السليمانية عام 2001.
-
جائزة عنقاء الذهبية العراقية عام 2005.
إرث أدبي ضخم
نشر شيركو أكثر من 30 مجموعة شعرية باللغة الكوردية، منذ أول ديوان أصدره في عام 1968، وتضمنت هذه الأعمال:
-
القصائد القصيرة والطويلة
-
النصوص المفتوحة
-
المسرحيات الشعرية
-
القصص الشعرية
محمد أمين زكي: مؤرخ الكورد الأول
نبذة عن حياته وإنجازاته
ولد محمد أمين زكي عام 1880 في مدينة السليمانية، ويُعتبر أول مؤرخ كردي حديث تناول جذور الأمة الكردية بطريقة علمية ومنهجية. أصدر في 15 مارس 1931 كتابه الشهير "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان"، والذي يُعد من أهم المراجع بعد "الشرفنامة".
دافعه للبحث التاريخي
كان الدافع الأساسي له هو غياب المصادر الأكاديمية عن أصل الكرد، مما دفعه للبدء بمشروعه التوثيقي العملاق بعد أن شعر بالانتماء القومي عقب سقوط الدولة العثمانية.
من خلال زيارات ميدانية لمكتبات ومتاحف في إسطنبول وألمانيا وفرنسا، إضافة إلى مصادر روسية وبريطانية، صاغ محمد أمين زكي نظرية تاريخية حول أصل الشعب الكردي.
نظريته حول أصول الكرد
اقترح أن الكرد يتشكلون من طبقتين أساسيتين:
| الطبقة | الوصف | الشعوب |
|---|---|---|
| الأولى | الشعوب الأصلية لجبال زاكروس | لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري |
| الثانية | الشعوب الهندو-أوروبية المهاجرة | الميديون، الكاردوخيون |
امتزجت هذه الطبقات لتشكل الأمة الكردية كما نعرفها اليوم.
أبرز مؤلفاته
-
تاريخ السليمانية
-
تاريخ الدول والإمارات الكردية في العهد الإسلامي
-
خلاصة تاريخ الكرد وكردستان
خاتمة: إرثٌ خالد وهوية راسخة
من الشعر إلى التاريخ، يُجسد كل من شيركو بيكهس ومحمد أمين زكي وجهين مشرقين من وجوه الهوية الكردية، الأول سطّر وجدان الأمة بأبياته، والثاني حفظ ذاكرتها بجسارة الباحثين. فهؤلاء الرجال لا يموتون، لأن ما خلفوه لا يزال يتنفس في قلوب الأجيال.